الرئيسية
السيرة الذاتية
نشاط عربي ودولي
مكتبة الصور
الفيديو
سجل الزوار
القائمة البريدية
اتصل بنا
خريطة الموقع
جديد الأنشطة الاعلامية
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
06-03-2010 07:44
لا أدري ماذا نسمي الذي حصل أمس الأول. هل هو استهتار وقلة إدراك، أم نقص في الخبرة وَضَعَ الكويت في موقف حرج إزاء العرب وطرح علامات الاستفهام والاستهجان؟
فأن ينتفض مجلس الأمة رفضاً للجريمة الإسرائيلية ضد «أسطول الحرية» أمر بديهي ينسجم مع تاريخ الكويت في نصرة الحق العربي والفلسطيني، لكن أن يتحول التضامن إلى مهرجان حماسة غير محسوبة هو أمر غير جدير لا بمؤسسة التشريع ولا بسلطة التنفيذ، أظهرنا بمظهر انفعالي شعبوي في حين أن الموقف الأساسي الجامع سليم ويستحق التقدير.
لم يكن جائزاً أن «يتدافع» النواب لإقرار توصية بالانسحاب من مبادرة السلام العربية، ففي تحرك التضامن مع غزة ما هو أسمى من مشاعر الشارع وطموحات الانتخابات، لكن الأدهى أن يسارع الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى إعلان الموافقة على التوصيات بدل أن يمارس واجب الحصافة التي تقضي بالروية والتشاور وحسن صوغ المفردات.
رغم تقديري ومحبتي وعلاقتي الشخصية الوطيدة بالوزير البصيري فإنني أرى أنه يتحمل مسؤولية كبيرة في إحراج دبلوماسيتنا وحكومتنا على السواء، ولولا التصريح الذي أطلقه سفيرنا في الجامعة العربية مؤكداً التزام مبادرة السلام لظن العالم العربي أننا غافلناه بخطوة «ثورية» وزايدنا عليه في ما يعنيه بقدر ما يعنينا، وأصبنا بجراح وعن سبق إصرار سياسةً استراتيجية اتفق عليها القادة العرب بالإجماع.
ومثلما تقع مسؤولية الخطأ على البصيري فإننا لا نعفي من الوزر الوزراء الذين سمعوا وسكتوا، أو أنهم لم يستوعبوا ما كان يطرح أمامهم من أفكار وخطوات.
وللتذكير فإن الحماسة دبّت في مجلس الأمة أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006، فطالبوا بمثل ما أقرَّه الثلاثاء نظراؤهم النواب، لكن قُدِّر لذاك المجلس مَن لفت النظر إلى معاني الموضوع وارتباطه بقرار جماعي عربي قادته السعودية وبذلت جهدها للتوصل إليه، وثنّى وزير الخارجية آنذاك على التحفظ، لينتهي الأمر بترك الموضوع للحكومة تقرر فيه ما تشاء. فهل يعلم مجلس الأمة أنه غامر أمس الأول بعلاقاتنا الخليجية والعربية وأنه تجاوز جوهر فصل السلطات؟ وهل هو مدرك ومقتنع بأن السياسة الخارجية هي من مهمات الحكومة وليست ملعباً للآراء السطحية وغير المسؤولة؟ وهل يفهم أن الخلافات الداخلية مسألة يمكن تجاوزها في حين أن خطأً واحداً في السياسة الخارجية عواقبه وخيمة؟
هل يعلم مجلس الأمة أن المبادرة العربية التي صدرت التوصية بالتخلي عنها ليست مبادرة عفوية نشأت من فراغ، ولا هي نتيجة رغبة فريق من العرب أراد السير في نهج السلام في حين أن تحرير فلسطين بالقوة على مرمى حجر، إنها نتاج سياق طويل بدأ في قمة فاس 1982 بمبادرة ولي العهد السعودي فهد بن عبدالعزيز لتصل إلى ما وصلت إليه مع ولي عهده الأمير عبدالله في قمة بيروت عام 2002. وهي المبادرة التي تحظى بإجماع عربي ويلتقي عندها التشدد والاعتدال، لأنها تستند إلى قرارات الشرعية الدولية وتحرج إسرائيل وتضعها في موقع الرافض للسلام.
هل يعلم مجلس الأمة، على سبيل المثال، أن الرئيس بشار الأسد في مقابلته الأخيرة على قناة «المنار» قال إن التخلي عن المبادرة العربية معناه التخلي عن المرجعية الدولية وكل قراراتها فيذهب العرب إلى المفاوضات من دون شروط؟ وهل يعلم مجلس الأمة أن إسرائيل هي الرافضة لمبادرة السلام، وأنها، تعبيراً عن ذلك، اجتاحت الضفة الغربية بعد أسابيع من إقرارها؟ وهل يعلم هؤلاء أن المبادرة تطالب بالأرض مقابل السلام في حين أن اسرائيل تريد السلام مقابل السلام؟
هل يعلم أعضاء مجلس الأمة أن ما نددوا به في جلستهم ودعوا إلى إلغائه هو مبادرة تتسلح بالحق وبالقرارات الدولية وخصوصاً القرارين 242 و 338 والمؤتمرات الدولية وخصوصاً مدريد؟
هل يعلم مجلس الأمة أن المبادرة العربية أصبحت مرجعية أساسية وثابتة في القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وأننا نحن في الكويت ندين وبقوة لقرارات المنظمة الدولية التي أعادت وطننا إلينا؟
حبذا لو وُجد من وضع الأمر في نصابه أثناء مناقشات النواب ومَن نبّه إلى أن التعرض لالتزاماتنا العربية مضر بعلاقاتنا بالأشقاء، فكيف إذا كانت المملكة السعودية هي صاحبة المبادرة ولها الكلمة الأولى فيها؟
إنه ثمن التسرع. دفعناه أمس الأول من سمعتنا وهيبة مؤسساتنا، فيا ليت البصيري تبصّر في ما تفوَّه به، وعسى أن يتعلم مجلس الأمة كيف يتضامن بمسؤولية تاركاً الشؤون المهمة لذوي الاختصاص وأصحاب القرار.
|
خدمات المحتوى
|
محمد جاسم الصقر
تقييم
|
|
|