جديد الأنشطة الاعلامية

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

نشاط عربي ودولي
نشاط عربي
الصقر للقادة العرب: البرلمان العربي يأمل أن تعملوا على تجاوز الاعتبارات والحسابات كي يستعيد التضامن العربي زخمه وعزيمته

الصقر للقادة العرب: البرلمان العربي يأمل أن تعملوا على تجاوز الاعتبارات والحسابات كي يستعيد التضامن العربي زخمه وعزيمته
المصدر جريدة الجريدة
التاريخ 03-31-2009
التفاصيل

دعا رئيس البرلمان العربي محمد جاسم الصقر، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في الدوحة أمس، القادة العرب الى العمل على تجاوز كل الاعتبارات والحسابات كي يستعيد التضامن العربي كل زخمه وأجنحته وعزيمته، مشدداً على ان هذا التضامن هو الشرط الأول والأساسي لـ«حفظ كرامتنا واسترداد حقوقنا».
وفي ما يلي كلمة الصقر:



صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، رئيس المؤتمر؛

أصحاب الجلالة والسمو، وأصحاب الفخامة والسيادة؛

الأخـوة الأكارم؛

مرة أخرى، أتشرف بحضور قمتكم المباركة، ولا أنكر أنني أشعر باعتزاز كبير حين أذكر أني أشرف بمخاطبة مقاماتكم السامقة وقمتكم الشامخة ممثلاً لأول برلمان عربي، لأرفع إليكم تحية هذا البرلمان أعضاء ورئاسة ومؤسسة، وتقديره العميق لقراركم التاريخي في قمة الجزائر لإنشائه تعبيراً عن نظرتكم الثاقبة بأن الديمقراطية-ممثلة في البرلمان العربي- أضحت ركناً رئيسياً من أركان العمل العربي المشترك، وشرطاً أساسياً لتحقيق أهدافه، ولأرفع إليكم أيضاً تمنياتنا الصادقة بنجاح قمتكم.

سمو الأمير الرئيس؛

يا قـادة الأمة؛


لم تعقد القمة العربية مرة دون أن توصف ظروفها بالتاريخية، وكما اعتدنا خلال العقود الستة الماضية فإن القمة العربية تعقد مجدداً بظروف، تعتبر مفصلية في أهميتها، مصيرية في تحدياتها، ولكن ما يجدد آمالنا، ويشحذ تفاؤلنا، هي أجواء المصالحة والتفاهم التي شهدتها قمة الكويت الاقتصادية في شهر يناير الماضي بين قادة الأمة، واستكملت أخيرا في قمة الرياض، وإن البرلمان العربي لينتهز هذه الفرصة، ليتوجه إليكم، آملاً ان تعملوا على تجاوز كل الاعتبارات والحسابات، كي يستعيد التضامن العربي كل زخمه وأجنحته وعزيمته، باعتباره الشرط الأول والأساسي لحفظ كرامتنا، واسترداد حقوقنا، ولعلي لا أبالغ إذ أقول، واستمرار وجودنا، لأن أقوى أسلحة أعدائنا هو تفرقنا وتشتت جهودنا وضعف روح الأمة فينا، أقـوى أسلحة أعدائنـا هو تضخيـم «الأنـا» على حساب «النحـن»، وتقديم الخاص على العام، والاهتمام بالشكل على حساب المضمون، والانحراف عن الهدف في زحمة الجدل حول الأسلوب، وتجاوز معالم الطريق من كثرة الالتفات إلى الوراء، والسير فرادى نحاذر بعضنا بدل السير مجتمعين حذراً من العدو.
أقول هذا لأنني مؤمن تماماً بأن المسؤولية القومية للبرلمان العربي هي إذكاء روح الأمة. وإذكاء روح الأمة يتطلب- أولاً وقبل كل شيء- استعادة الوعي التاريخي في بناء الاستشراف المستقبلي.

سمو الأمير الرئيس؛
يا قـادة الأمة؛

لقد أضحت هموم امتنا من الكثرة والخطورة بحيث أصبح من الصعب على أي منا أن يقدم بعضها ويؤخر غيرها دون أن ينتابه خوف من الخطأ أو حذر من سوء التفسير، وبحيث يتعذر على أي منا أن يعرض لها جميعاً دون أن يتجاوز حدود الوقت وحقوق الغير، فعذراً إن قصر العرض عن الشمول والإحاطة، وعذرا إن ضاق الوقت عن اتساع العبارة.

وتأتي قمة الدوحة بعد أن أشعلت أيادي النازية الجديدة والعنصرية الصهيونية محرقة جديدة من محارقها الموثقة ضد الشعب الفلسطيني على مر التاريخ ومنذ انطلاق الحركة الصهيونية والوعد المشؤوم بداية القرن الماضي، إنها محرقة السبت الأسود (27 ديسمبر كانون الأول الماضي) في قطاع غزة، والتي كان أهم مفاجآتها أن ضرباتها تزامنت مع خروج الأطفال من مدارسهم ليحصدهم الرصاص والحمم المسكوبة، هذا أقصى ما يفاخر به مَن يدّعون أن جيشهم لا يقهر، ألا بئس ما يفخرون به.

سمو الأمير الرئيس؛

يا قادة الأمة؛

إن قادة الكيان الغاصب لم يستوعبوا حتى اليوم ورغم كل أحداث التاريخ أنه لا قامة ستعلو على قامة أخرى في المنطقة، ولن يعيش طرف في سلام وجاره يعاني الظلم والاضطهاد، ولن ينسخ الأمر الواقع الحق الراسخ، ولن تدوم قوة تستطيع أن تزيل الأمة، فتدمير المباني سيعمر الإرادة، وقتل الأطفال سيخلق أجيال المحررين الأحرار، لذا فإن وحدة الصف الفلسطيني وتلاحمه هما عنوان التصدي للجريمة الصهيونية القائمة في فلسطين منذ أكثر من ستين عاما، وطالما كان مدد ووقود حركات التحرر هو الوحدة والتوحد خلف مقاتليها في الجبهة ومفاوضيها على طاولة المفاوضات، لذا نبارك ونشيد بالاتفاق بين الفصائل الفلسطينية الأخير الذي رعته مصر وقامت على صياغته وانجازه.

من هنا، كان أول ما هو مأمول من هذه القمة هو التأكيد على مبادرة جلالة خادم الحرمين الشريفين بكاملها، وتوحيد الصف العربي كلياً في المطالبة باعتمادها حلاً للصراع العربي - الاسرائيلي، وبالتالي، مدخلاً لمعالجة كل قضايا المنطقة. ولكنها لن تبقى خياراً أبديا على الطاولة إن أصرَّ الطرف الآخر على الاستمرار في غيّه وعدوانه

سمو الأمير الرئيس؛

يا قـادة الأمة؛

إن موضوع الساعة على امتداد الساحة العالمية كلها الآن، تلك الازمة المالية العالمية التي اصبحت أشبه بإعصار تعصف رياحه- بدرجة أو بأخرى ومن خلال وسائل مختلفة- بكل اقتصادات العالم بلا استثناء، وإذا كانت بداياته ستطيح بنسبة غير مسبوقة من ثروات الأغنياء، فإن انعكاساته الأكثر مرارة ووجعاً ستستقر بالنهاية على الفقراء وذوي الدخل المحدود أصحاب الأجور والمعاشات وتعويضات التقاعد.

لستُ هنا في مجال الحديث عن هذه الأزمة ونتائجها المتوقعة، من حيث عودة الأسواق المالية الى دورها الطبيعي في تمويل الاقتصاد الحقيقي، ومن حيث إعادة النظر في الكثير من النظريات والممارسات والأنظمة، ولكن ما يهمني- في هذا الموقف بالذات- هو التركيز على أمور ثلاثة:

أولهــا؛ أن مسؤولية الحكومات عن هذه الأزمة لا تقل عن مسؤولية القطاع الخاص بل تزيد عليها؛ ذلك أن أهم أسباب الأزمة على الاطلاق هو ضعف الرقابة وتخلف التشريع وكلاهما مسؤولية الحكومات.

وثانيهـا؛ هو أن الأزمة يجب أن تعيد لاقتصاد السوق أخلاقياته، وأن تعود بدور التمويل الى حجمه وأساسياته، ولكن ذلك يجب ألا يؤدي الى تشكيكنا بحيوية وحتمية اقتصاد السوق، ويجب ألا يؤدي الى خنق الحرية الاقتصادية، التي لا تتعارض إطلاقاً بل تقتضي حتماً ممارسة الدولة لدورها السيادي في التشريع والرقابة والمعاقبة. وبالتالي، أرجو ألا تؤدي هذه الأزمة الى نكوص الدول العربية عن برامجها في الاصلاح الاقتصادي القائم على التعاون الكامل مع القطاع الخاص في إطار العدالة والمنافسة وتكافؤ الفرص.


أما ثالث هذه الأمور وأهمها، فهو أن نأخذ من هذه الأزمة فرصة لتعزيز القناعة بجدوى وأهمية توطين الاستثمارات العربية في المنطقة العربية، وأن نسعى الى توجيه هذه الاستثمارات نحو الاقتصاد الحقيقي والأصول المنتجة، لأنها الاستثمارات الأكثر سلامة والأكثر توفيراً لفرص العمل من جهة، والاستثمارات الأقدر على توثيق التكامل الاقتصادي العربي من جهة ثانية.

سمو الأمير الرئيس

يا قادة الأمة؛

لقد ساهم البرلمان العربي منذ إنشائه في التصدي والدفاع عن قضايا ومصالح الأمة العليا في فلسطين وفي لبنان، وفي العراق، وفي الصومال، وهو اليوم يكرر التأكيد على حق دولة الامارات العربية المتحدة في استعادة جزرها الثلاث المحتلة، مثلما يؤكد على عروبة مملكة البحرين ورفضه اي تصريحات تنتهك سيادتها وعروبتها، والبرلمان- الذي تمسك دوماً بالشرعية الدولية- يرفض العدالة الانتقائية ومذكرة الاعتقال التي صدرت بحق رئيس عربي، ويدعو الى حل هذه المسألة بتوازن وفي الأطر العربية وانطلاقا من سيادة السودان وكل دولة.

لقد بادر البرلمان العربي بطرح قضايا الأمة المختلفة في دوراته العادية والطارئة ولجانه المختصة، وأصدر العديد من القرارات والتوصيات التي نتطلع أن تأخذ طريقها للتنفيذ عبر آليات واضحة وعملية بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

والأمل كبير في أن تلقى أعمالنا مباركتكم ودعمكم ما يهيئ لها أسباب النجاح. فهي استكمال لجهودكم، وسند فكري وشعبي لبناء قراركم.

حفظكم الله ورعاكم، وسدد للخير خُطاكم، والســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته